” و لا عاش في تونس إلا من سقى أرضها دماؤه “
على إثر حادثة وفاة نساء الحضائر، الكادحات، الفلاحات المضحيات، إستيقظ الشعب التونسي من غفوته، و أيقن أن حال البلاد ليس حال العاصمة و ولاتين أو ثلاثة، أن الفقر كافر و قد هلك بأرواح العديد، و أن إنعدام المساواة و التوزيع العادل للثروات خلق هوة: هوة النحن و الهم، أي هوة المدينة و الريف. منذ عهد بورقيبة، تعيش المدن الداخلية حالة يندب لها الجبين، فقر و تهميش و إنعدام تنمية، جعل من حياة العديد جحيما و صار الوطن، وطن الغني و ميسور الحال. في العهد البورقيبي و نظرا لكون المنستير مسقط الرأس ، كان كل الإنتباه موجها نحوها كولاية و حتى في عهد بن علي، تتركز المصانع و المشاريع و الإستثمارات في المدن الساحلية التي تكون فيها عجلة الإقتصاد نشيطة أكثر نظرا للمبادلات التجارية و توفر اليد العاملة و تقديم الخدمات لكافة المتساكنين.
صور النساء الفلاحات التونسيات
[better-ads type=”banner” banner=”4017″ campaign=”none” count=”2″ columns=”1″ orderby=”rand” order=”ASC” align=”center” show-caption=”1″][/better-ads]
تونس التي تحتوي على 24 ولاية أصبحت سكنا إلا لمن إستطاع أن يسد رمق عيشه، لذا تكون الفرص لسكان العاصمة و بعض الولايات لا أكثر. حتى المدارس و المعاهد في بعض المناطق تنعدم، فيقطع الأطفال عشرات الكيلومترات سيرا على الأقدام أو يقطنون المبيت، بعيدين عن أسرهم لمدة 6 أيام متتالية كحال قرية دار فاطمة بعين دراهم في ولاية جندوبة التي جل أطفالها يدرسون في ” ببوش”.
الطبقية –
[better-ads type=”banner” banner=”4017″ campaign=”none” count=”2″ columns=”1″ orderby=”rand” order=”ASC” align=”center” show-caption=”1″][/better-ads]
إجتاح الفقر البلاد، فإنقطع الأطفال عن الدراسة منذ سن مبكرة و تمزقت معهم أجنحتهم و أحلام الصغر صارت كوابيسا، فقدوا براءتهم منذ أن وطؤا عالم الراشدين : عالم العمل. حتى المستشفيات تكاد تكون حالتها رثة، طاقم طبي شبه مفقود و معدات غير موجودة، المغازات و كل متطلبات العيش الكريم هي ترف بالنسبة لهم. شئنا أو أبينا، عادة، النساء هي التي تعمل في المناطق الداخلية، رغم العنف المسلط عليهن، و التهميش و العقلية الذكورية الرجعية، تعمل النساء لكي ترسمن الضحكة على وجوه أبنائهن، تنحني المرأة الريفية و تسقي الأرض عرقها، تمضي اليوم بأكمله تقطف الثمار أو تسمدها، رغم الإرهاق و التعب إلا أنها تعمل جاهدة كي تربح بقشيشا لا قيمة له في عصر كعصرنا . تعاني المرأة الريفية من شت النواحي، تكبلها العقلية و تحجبها بيئتها عن العالم الخارجي و تكون بهذا كل هذه التشريعات و القوانين التي تعمل على تحقيق المساواة و صيانة كرامة المرأة ، مجرد حبر على ورق بالنسبة للمرأة الريفية، فإذا تعرضت للتحرش أو الإغتصاب، تحت مسمى ” العيب ” يوضع رأسها في التراب كالنعام، و إذا إنقطعت عن الدراسة فوحدها تتحمل الهموم، و تزوج إجبارا، و يعطي المجتمع بهذا العالم للرجل و يعطي للمرأة بصفة عامة الأواني و معدات التنظيف.
تسجن المرأة الريفية في ذلك المحيط، بعيدا عن كل أشكال الحياة و المساواة و الحريات و تكون بهذا عبدا لما يلزمه المحيط هناك، وفاة الكادحات ليس أول حادث و لا الأخير، و التهميش الذي تعانين منه لن يتوقف إلا إذا إتخذت السلطات المعنية الإجراءات، الفلاحات منذ قديم الزمان ينظرن إليهن نظرة إحتقار، فلا تأمين عمل و لا صحة و لا حتى بريق أمل. ينقلن في شاحنات منذ أن تبعث الشمس بخيوطها الذهبية و حي على الصلاة، يذهبن في شاحنات، و يقصدن طريقا وعرة، طريق الخطر، نحو الموت جسدا أو روحا.
الطبقية –
[better-ads type=”banner” banner=”7008″ campaign=”none” count=”2″ columns=”1″ orderby=”rand” order=”ASC” align=”center” show-caption=”1″][/better-ads]
اقرأ/ي أيضا: بين طيات الحضارة..