دراسات، أطروحات و كتب تناولت مناقشة هوية المجتمعات و الأفراد، فلكل مجتمع هوية تميزه عن المجتمعات الأخرى, فالهوية تمثل جوهر الذات الإنسانية و السبب الرئيسي لوجود الإنسان
ظهر مصطلح الهوية في علم النفس، حيث تحدث عنه عالم النفس إريك إريكسون و إستنتج أن في مرحلة المراهقة يبدأ الإنسان في فهم ذاته و يحدد أهدافه. بعد بحث إريكسون عن الهوية، ظهر عالم النفس جيمس مارسيا ليواصل البحث عن الهوية بصفة دقيقة و عميقة، حيث توسع في مفهوم الهوية ، فمارسيا يرى الهوية على أنها مجموعة من المعتقدات، القدرات، الدوافع و تاريخ الإنسان.. التي تمثل بناء داخلي للفرد.
هذا البناء يجعل الإنسان واعيا أو مشوشا بالإختلاف و التشابه مع الآخرين.
مارسيا يعتقد أن الإنسان عندما يفهم ذاته و أناه فإنه يتمسك بهويته، و عندما لا يفهم أناه يترك هويته و يعتمد على مصادر خارجية لتقييم ذاته و إكتشافها. في بحثه عن الهوية، وجد مارسيا أنها ديناميكية، فالهوية تتغير بتغير مراحل حياة الإنسان، ففي كل مرحلة تضاف مجموعة جديدة من المعتقدات و تزال أخرى، و أكد مارسيا أن في مرحلة المراهقة تتحدد السمات الكبرى للفرد نظرا لكونها المرحلة الفاصلة بين الطفولة و سن الرشد. في هذه الفترة يشهد الفرد عدة تقلبات تمهيدا لمرحلة الشباب المسؤولية، ففي هذه الفترة يبدأ الإنسان بطرح أسئلة وجودية في محاولة منه لتحديد و فهم ذاته.
قام مارسيا بمقابلة شخصية مع مجموعة من الشبان لينتهي يإستنتاج حول تطور الهوية بإعتماد الإستكشاف و الإلتزام، حيث يعني الإستكشاف الأسئلة التي يطرحها الشاب على نفسه. أما الإلتزام يعني الإختيارات التي ينهجها الإنسان في كل مجالات حياته.
إستنتج مارسيا أن تطور الهوية له أربعة أوجه : تحقيق الهوية ، تأجيل الهوية ، تشتت الهوية و إعاقة الهوية.
إعلان
تحقيق الهوية
تعتبر أعلى مستويات الإستكشاف و الإلتزام ، أين نجد الشاب لديه مفهوم واضح عن الهوية،عن اهداف و مبادئه . كما أنه يعتقد أن السياسية و الإجتماعية ، الدينية و الإقتصادية جزء من هويته مهما كانت هذه المعتقدات . في هءه الحالة نجد أن الشاب لديه توجهات تجعله مستقلا بكيانه ، و يرى أنه يعرف من يكون و ماذا يريد.
إعاقة تكوين الهوية
في هذه الحالة، نجد درجة الإستكشاف ضعية و درجة الإلتزام عتلية. فالشاب هنا يتخذ منحى سلبيا في إكتشاف ذاته، فمعتقداته مكتسبة من الوسط العائلي و المجتمع. نجد الشاب يتبع دين أسرته و يمارس نفس الطقوس الدينية لأنه يعتقد أن هذا ما يجب فعله. كما انه سياسيا و إقتصاديا يتبع ما هو سائد، و يمكن لعائلته أ ن تحدد له مساره الدراسي و المهني … هنا نجد أن معتقداته نابعة من مصادر خارجية و ليست نابعة من ذاته لكنه ملتزم بإتباع هذه المعتقدات و الخيارات رغم ادأنها ليست نابعة من ذاته. في هذه الحالة الشاب لم يواجه أزمة هوية.
توقيف أو تأجيل الهوية
تتصف هذه الحالة بدرجة عالية من الإستكشاف و درجة ضعيفة من الإلتزام عكس إعاقة تكوين الهوية. في هذه الحالة يشهد الشاب العديد من الأسئلة في محاولة دائمة منه للإستكشاف ، و يفكر كثيرا في معتقداته و من هو تحديدا.
تشتت الهوية
درجة ضعيفة في الإستكشاف و الإلتزام، فالشاب في هذه الحالة، لا يسعى إلى إكتشاف ذاته و معتقداته و ليست له أهدافا و ليس له رأي في مجالات حياته، يعيش اللحظة فقط.
أما من جانب المجتمعات، فأزمة الهوية أنتجت الإنغلاق و التقوقع على الذات و عدم خلق مساحة مشتركة للتواصل و للتحاور و قبول الإختلاف و الإعتزاز بالهوية الذاتية كمصدر قوة و تميز. فبعض المجتمعات تجعل من الهوية إطارا للتعصب و رفض كل ما هو مختلف و تمنع الخروج على كل ما هو معتاد. كما أن هناك مجتمعات تخلت عن هويتها و ذابت في ثقافات المجتمعات الأخرى، مما يجعل المجتمع في غربة مع ذاته . نلاحظ أن المجتمعات التي تعاني من أزمةالهوية، تعاني صراع سلطوي، منع الحريات، و في بعض الأحيان من أزمات إنسانية.
يجب أن تكون الهوية إطارا لخلق أرضية للتشارك و تأسيس منظومة تحمي المعتقدات، الأقليات و الحقوق الكونية.
This website uses cookies to improve your experience. We'll assume you're ok with this, but you can opt-out if you wish.AcceptRejectRead More
Privacy & Cookies Policy
Privacy Overview
This website uses cookies to improve your experience while you navigate through the website. Out of these, the cookies that are categorized as necessary are stored on your browser as they are essential for the working of basic functionalities of the website. We also use third-party cookies that help us analyze and understand how you use this website. These cookies will be stored in your browser only with your consent. You also have the option to opt-out of these cookies. But opting out of some of these cookies may affect your browsing experience.
Necessary cookies are absolutely essential for the website to function properly. This category only includes cookies that ensures basic functionalities and security features of the website. These cookies do not store any personal information.
Any cookies that may not be particularly necessary for the website to function and is used specifically to collect user personal data via analytics, ads, other embedded contents are termed as non-necessary cookies. It is mandatory to procure user consent prior to running these cookies on your website.