هل ستكون “الغرسات الدماغية” مستقبل التفكير البشري؟

إعلان

الغرسات الدماغية –

منذ عامين، تمكّن “دينيس ديغراي” (وهو شخص بالغ من العمر 66 عاماً مصاب بشللٍ من ترقوته حتى أسفل قدميه من جراء سقوط عنيف منذ أكثر من عقد) من ارسال رسالة إلى صديقه جاء فيها:”أنت تمسك بيدك أول رسالة نصية في التاريخ أُرسِلت من أعصاب عقل شخصٍ إلى الهاتف المحمول لشخص آخر. لقد دخلت التاريخ لتوِّك.

عضمة ترقوت

وقد تمكن “دينيس” من ذلك سنة 2016 بواسطة قطعتين صغيرتين تم صُنعُها من مادة السيليكون ذوَي أقطاب كهربية معدنية تم زرعها داخل القشرة الحركية بدماغه، وهي الجزء من المخِّ المسؤولة عن الحركة.

إعلان

الغرسات الدماغية –

كيف تم ذلك؟

تقوم هذه هاتين القطعتين بتسجيل النشاط الساري في أعصاب المريض ثم ترجمتها إلى حركة خارجية. وبواسطة عصا تحكُّمٍ بيده، بإمكان “دينيس” تحريك سهمٍ على شاشةٍ إلكترونيةٍ لاختيار الحروف.

كما تمكّن المريض من شراء بعض المنتوجات من منصة أمازون وحرَّك ذراعاً آليةً لرصِّ بعض الكتل فوق بعضها، حسب ما نشرته الغارديان البريطانية.

Dennis Degray uses Utah array implants to manipulate the cursor on a computer screen. Photograph: PBS

وقد تمت زراعة هذه الأجهزة المعروفة باسم «مصفوفات يوتا» في رأس “دينيس” لأنه مشاركٌ في برنامج BrainGate، وهي جهود بحثية طويلة الأمد لعدة مؤسسات في الولايات المتحدة بهدف تطوير تقنية عصبية جديدة واختبارها من أجل استعادة وسائل التواصل والحركية والاستقلال لدى الأشخاص سليمي العقل فاقدي الاتصال بأجسادهم بسبب الشلل أو فقدان الأطراف أو الأمراض التنكسية في الجهاز العصبي.

A BrainGate electrode array with a dime for size comparison. Photograph: Matthew McKee/Brown University

بالرغم من نجاح التجارب الأوليّة، لا تزال «مصفوفات يوتا» في مرحلة التطوير. كما أنها ليست لاسلكياً، بل يبرز مقبسٌ من جمجمة المريض تنقل عبره الأسلاك الإشارة إلى الحاسبات لأجل فك رموزها بخوارزميات تعلم الآلة. وعدد المهام الممكن تنفذيها وجودتها محدودان لأن النظام لا يسجِّل إلا النشاط الساري في ما يتراوح بين بضع عشراتٍ ومئتي عصبٍ من ضمن ما يقدَّر بـ88 مليار عصب في المخ (يسجِّل كل قطبٍ مما بين عصبٍ واحدٍ وأربعة أعصابٍ).

ومن المستبعد أن تدوم إلى الأبد. إذ يتكوَّن نسيجٌ ندبيٌّ بالتدريج على الأقطاب، وهو استجابة المخ إلى الضرر الناتج عن إدخال الجهاز، مما يؤدي إلى تراجع متزايد في جودة الإشارة. وحين تنتهي الجلسات البحثية، التي يخضع لها ديغراي مرتين أسبوعياً مسكنه في بالو ألتو بولاية كاليفورنيا، ستُفصل المنظومات وبهذا تتوقف القوى التخاطرية لديه.

[better-ads type=”banner” banner=”4017″ campaign=”none” count=”2″ columns=”1″ orderby=”rand” order=”ASC” align=”center” show-caption=”1″][/better-ads]

الغرسات الدماغية –

إعلان

كيف يتم زراعة الغرسات العصبية؟

لا تزال الغرسات العصبية في مرحلة التطوير إذ إن حجمها كبير (في مثل حجم “مصفوفات يوتا”الموضوعة في مخ ديغراي). ولهذه الغرسات عدد كبير من الأقطاب الكهربائية، مما يساعدها على تسجيل نشاط كمية أكبر من الأعصاب.

قام بتجربة «مصفوفات يوتا» ما يقرب من 25 شخصاً في العالم. وقد أُحرز تقدم كبير وفقا لتصريحات القائمين على هذا المشروع، ولكن لا يوجد إلب حد الآن نظام يمكن للمرضى استخدامه على مدار الساعة ويوفِّر على نحو موثوق تحكماً كاملاً وسريعاً وبديهياً بالحاسوب عن طريق المخ.

وبينما تحتوي «مصفوفة يوتا» -الممكن إدخال أربع أو خمس منها بحد أقصى- على 100 قطب، تقول شركة Neuralink إن نسختها سوف تحتوي ما يقرب من ألف. وترى الشركة أن من الممكن وضع ما يصل إلى 10 منها. وسيتولَّى روبوت عملية «درز» خيوط رفيعة للغاية من مادة البوليمر المتوافقة حيوياً مزوَّدةٍ بالأقطاب بالدماغ من أجل تجنُّب قطع الأوعية الدقيقة، الأمر الذي تأمل Neuralink أن يساعد في مسألة التندُّب، وبهذا يزيد من دوام الجهاز.

في جويلية الماضي، قدَّم إيلون ماسك، المعروف بأنه الرئيس التنفيذي لشركة السيارات الكهربائية تسلا، تفاصيل عن نظام لاسلكي قابل للزرع تصنعه شركته Neuralink. وكشف ماسك عن أنه تجري بالفعل دراسة آثاره على القرود، ويطمحون في بدء التجارب البشرية قبل نهاية عام 2020. حتى يومنا هذا، تلقَّت Neuralink تمويلاتٍ بقيمة 158 مليون دولار كانت 100 مليون منها من ماسك.

Elon Musk venture “Neuralink” puts implants in human brain

وقال ماسك في عرضه التقديمي: «هدفنا هو التسجيل من نبض الأعصاب وتحفيزه بطريقةٍ أوسع نطاقاً بكثيرٍ من أي طريقة سابقة، وآمنة وسليمة بما يكفي لكيلا تُعتبر جراحةً كبرى»، مضيفاً أن العملية ستكون أشبه بجراحة تصحيح النظر بالليزر عن كونها جراحةً دماغيةً. وأوضح ماسك أن ثمة دواعٍ طبيةً لتطوير الجهاز، لكنه قلق أيضاً من التهديد الذي يمثِّله الذكاء الاصطناعي ويؤمن بقدرة هذا الأمر على مواكبته.

من ناحية الشكل، سيبدو جهازهم أشبه بمصفوفة يوتا -قاعدة من إبر ذات أقطاب معدنية- ولن تكون هناك جراحة روبوتية. إذ صرَّح مؤسس الشركة ورئيسها التنفيذية مات أنغل قائلاً: «نريد الوصول إلى السوق في أقرب وقت ممكن»، مضيفاً أنهم يطمحون في بدء التجارب السريرية في أوائل العشرينيات المقبلة. وقد جمعت الشركة تمويلات تصل إلى نحو 25 مليون دولار حتى الآن، بما في ذلك مبالغ كبيرة من وكالة بحوث Darpa التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، التي زاد اهتمامها بواجهات الدماغ الحاسوبية بعد إدراكها حاجة الأطراف الصناعية المتطورة التي تصنعها للجنود المصابين العائدين من الخارج إلى التحكُّم الدماغي.

ما الاستخدامات الأخرى للغرسات العصبية؟

أما عن الاستخدامات الأخرى، فلا أحد يتحدث بوضوح. أوامر دماغية للسماعات الخارجية الذكية؟ قيادة السيارات بالتحكم الدماغي؟ تواصل دماغي؟ تحسين الذاكرة والإدراك؟

إذا نجحت التقنية خارج المجال الطبي، فقد نرى أول ظهورٍ لها في المجال العسكري، وفقاً للدكتورة هانا ماسلين، نائبة مدير مركز يوهيرو للأخلاقيات العملية التابع لجامعة أوكسفورد. على سبيل المثال، قد تتيح التواصل الصامت بين الجنود أو تسمح بتفعيل المعدات من خلال التفكير في أوامر معينة. وتضيف أنه من الصعب تصوُّر اختيار معظم الناس الخضوع لتدخل جراحي من أجل استخداماتٍ ترفيهيةٍ أو استخداماتٍ تهدف إلى زيادة الراحة.

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5، 6

الغرسات الدماغية –

[better-ads type=”banner” banner=”3938″ campaign=”none” count=”2″ columns=”1″ orderby=”rand” order=”ASC” align=”center” show-caption=”1″][/better-ads]

اقرأ/ي أيضا: التوﻧﺴﻴّﺔ “ﻧﺪاج اﻟﻄﺒﻴﺐ” ﺗﺒﺘﻜﺮ ﺗﻄﺒﻴﻘﺎ ﻟﻠﻜﺸﻒ اﻟﻤﺒﻜّﺮ ﻋﻦ اﻟﺠﻠﻄﺎت اﻟﺪﻣﺎﻏﻴّﺔ