مترجم: هل أحد نتائج التطور أن أصبح البشر سيكوباتيين؟

إعلان

السيكوباتية –

يعتبر البعض أن السيكوباتية في  نتاج لخلل كيميائي في المخ، و أن هؤلاء الأشخاص عبء على المجتمعات المتحضّرة. لكن “مات دافيس”، الكاتب المتخصص في العلوم والتكنولوجيا، يُرجِّح أن السيكوباتية استراتيجية تطورية في تاريخنا البشري.

يقول “مات” في مقاله على موقع “BIG THINK” أنه من الغريب أو يكون بيننا سيكوباتيون لأن التماسك الاجتماعي و التعاطف المتبادل بين البشر و قدرته على فهم الصواب و الخطأ، جعلنا نواعا ما ناجحين. لكن ما الاستفادة التي يمكن أن تعود على الأفراد الذين يفتقرون هذه الصفات الاجتماعية، ويشعرون بميلٍ لممارسة العنف على شخصٍ ما؟

إعلان

إعلان

و كانت إجابة “مات” على هذا السؤال أن لهذا النوع من البشر دورًا تطوُّريًّا، وهذا الدور يصبح أغرب، لو وضعت في اعتبارك حقيقة أنهم عرضةٌ للإصابة بالشلل أو الوفاة المبكرة بسبب سلوكهم الاندفاعي والمتهور.

ويرى الكاتب أن من الأسهل أن نقول إن السيكوباتية هو نتيجة قصورٍ في الأسلاك المُعقَّدة التي تشكِّل عقولنا. وعلى أية حال، قد يكون صحيحًا أن السيكوباتية يستخدمون ببساطة إستراتيجية تناسلية مختلفة عن بقيتنا، في إشارةٍ من الكاتب إلى أن هذا على الأقل هو ما يعتقده الطبيب يوريم تيلبيك وزملاؤه.

[better-ads type=”banner” banner=”4017″ campaign=”none” count=”2″ columns=”1″ orderby=”rand” order=”ASC” align=”center” show-caption=”1″][/better-ads]

فحص المحتوى الوراثي (الجينوم)

يُعتقد أن السيكوباتية لها أسباب بيئية، لكن معظم أسبابها جينية. نعرف أن لدينا طفرات معينة تُشجع ظهور الهويات السيكوباتية. لكن تيلبيك وزملاءه، انتابهم الفضول، وأرادوا معرفة إذا كان لهذه الطفرات أيضًا منفعةٌ أخرى. لذا تفقدوا قاعدتيّ بياناتٍ ضخمتين تتضمَّنان بياناتٍ وراثية لأكثر من 31 ألف فرد.

أشار دافيس إلى أن دراسةً سابقة قد كشفت السمات الوراثية في الأفراد الذين كان من المُرجَّح أن ينجبوا أطفالًا في سنٍّ أصغر، وأولئك الذي يُرجَّح أن ينجبوا أطفالًا أكثر في المجمل. بفحص التداخل بين هذين النوعين من السمات الوراثية، استطاع الفريق البحثي تحديد إن كانت ثمة صلة بين المجموعتين.

واكتشف الفريق في النهاية وجود تداخل كبير إلى حدٍّ ما. فالجينات المرتبطة بالإنجاب المبكر، وتلك المرتبطة بإنجاب أطفالٍ أكثر، كلٌّ منهما يرتبط أيضًا بالجينات التي تمنح السيكوباتيين السمات التي تجعلهم مرضى، مثل قلة التعاطف.

[better-ads type=”banner” banner=”4017″ campaign=”none” count=”2″ columns=”1″ orderby=”rand” order=”ASC” align=”center” show-caption=”1″][/better-ads]

هكذا وُجدت السيكوباتية

قد يبدو ذلك غير منطقي، لكن هذه الاكتشافات تطابق ما نعرفه عن السيكوباتيين. إذ أشار دافيس إلى بحثٍ سابق كان قد توصَّل إلى أن السيكوباتيين غالبًا يكونون مبهرين من الخارج، ما يتيح لهم جذب الآخرين في فتراتٍ قصيرة. ورغم ذلك، تتشقَّق هذه الصورة المثالية على المدى البعيد.

وعلاوة على ذلك، فإنهم، وفقًا للكاتب، عرضةٌ للإصابة باختلالٍ في المخ أكثر من الآخرين، أي أن لديهم مشكلات في التحكُّم في انفعالهم ويميلون لتحقيق المتعة الفورية. هذه السمات مجتمعة يمكن أن تجعل السيكوباتيين مُتعدِّدين في علاقاتهم الجنسية، واستخفافهم بالقيم الاجتماعية يجعلهم أكثر ميلًا لملاحقة شركاء الآخرين أو أكثر ميلًا للعنف الجنسي، وقد دعمت هذه النظرية مجموعةٌ من الدراسات، بحسب كاتب المقال.

لكن لو كانت السيكوباتية طريقة للحصول على ذرية أكثر، لم لا يزيد عدد السيكوباتيين؟ لفت دافيس إلى دراسة تيولبيك وزملائه التي تُظهِر في النهاية أن السيكوباتيين يحظون بأطفالٍ أكثر، ونحن نعرف أن هناك مُكوِّنًا وراثيًا بارزًا في السيكوباتية. وعليه، يتساءل الكاتب، ألا يُعاد بهذه الطريقة إنتاج الجينات المريضة في الجينات السليمة؟

[better-ads type=”banner” banner=”4017″ campaign=”none” count=”2″ columns=”1″ orderby=”rand” order=”ASC” align=”center” show-caption=”1″][/better-ads]

لماذا لسنا جميعًا سيكوباتيين؟

يشير الكاتب إلى نظريةٍ تقول إن هناك نوعًا من التوازن في المحتوى الوراثي البشري. ويُشكِّل السيكوباتيون شديدو المرض نسبة 1% فقط من البشر. لكن وفقًا للنظرية الأولى، فإن هذه النسبة منخفضةٌ للغاية، لأن السيكوباتي كالطفيل الاجتماعي، بحسب تعبير الكاتب، يزدهر غالبًا في مجموعاتٍ مُكوَّنةٍ من بشر يمكن الاستفادة منهم، وتتكوَّن هذه البيئات من أفرادٍ أخلاقيين، ومتعاطفين، ومهتمين بالمجتمع.

ويسهل في مجموعاتٍ كهذه الاستفادة من ثقة الآخرين لجني مكاسب مثل الوصول لشركاء جنسيين. ويرى الكاتب أنه لو كان هناك الكثير من السيكوباتيين، لما نجح هذا النظام، وربما تصير مجموعاتٌ اجتماعية معينة أكثر صرامة في تطبيق معاييرها لقبول الآخرين داخلها. ويجب أيضًا أن يؤخذ في الاعتبار أن هذه نظريةٌ صعبةٌ في اختبارها بصورةٍ مباشرة.

يلفت دافيس إلى أن هناك أيضًا رأيًا يقول إن أسلوب الحياة «السريع» عند السيكوباتيين يشجِّعهم على التكاثر بشكل أكبر، لكنه لا يدفعهم للاستثمار في نجاح ذرياتهم. أما الأشخاص الذين يعيشون حياتهم بأسلوبٍ «بطيء» من ناحية أخرى، ربما ينعمون بعدد أطفال أقل لكنهم يميلون للتأكُّد أن أطفالهم سيصبحون بالغين أصحاء، ومؤهلين، وناجحين.

أما السيكوباتي فلن يهتم بذلك، إذ يسعى فقط للسعادة المؤقتة ولا ينجذب بوجهٍ خاص إلى انتظار ثمار المستقبل. بهذه الطريقة، تواصل أعدادٌ أقل من الذرية الحاملة للجينوم المريض طريقها لتصبح في موضع يُمكِّنها من التكاثر.

يختتم الكاتب قائلًا إن التطوُّر ليس لديه وجهة نظر أو رأيٌ في الأمور. فهو عملية محايدة تنتقي مَن يفلح. ما تظهره هذه الدراسات في رأيه هو أن السيكوباتية، بالنسبة لتطوُّر البشر، ميزةٌ أكثر من كونه عيبًا.

 

السيكوباتية –

 

المصادر: 1، 2، 3، 4

[better-ads type=”banner” banner=”3938″ campaign=”none” count=”2″ columns=”1″ orderby=”rand” order=”ASC” align=”center” show-caption=”1″][/better-ads]

اقرأ/ي أيضا: تعاني من رهاب المرتفعات؟ إليك تطبيق “زيروفوبيا” الذي سيقضي عليه تماما