ماذا يعني تعويم العملة؟ أشكالها و آثارها على اقتصاد الدولة

إعلان

تعويم العملة –
دارت في وسائل الاعلام التونسيّة هذه الأيام عن امكانية تعويم العملة التونسيّة “الدينار” في السنة القادمة. لذا أردنا أن نفسّر لقرّائنا معنى “تعويم العملة” في هذا المقال.

ما معنى تعويم العملة ؟

ما معنى تعويم العملة ؟
ما معنى تعويم العملة ؟

تعويم العملة هو سياسة نقدية تتضمن السماح لقيمة عملة بلد ما بالتحرر والتقلب بحسب العرض والطلب عليها في الأسواق العالمية. يعني ذلك أن القيمة السوقية للعملة تحدد بشكل أساسي من قبل العوامل الاقتصادية والتجارية، وليس من قبل تدخلات الحكومة أو البنك المركزي.

عندما تتم سياسة تعويم العملة، يمكن لقيمتها أن تتغير بشكل يومي بناءً على عوامل مثل التضخم، الفائدة، العائدات على الاستثمار، وعوامل أخرى. هذا التغير يعكس توقعات الأسواق بشأن الاقتصاد والسياسة النقدية للبلد.

تعويم العملة يمكن أن يكون ثابتًا (floating) حيث يتم تحديد قيمتها بالكامل من قبل السوق دون تدخل حكومي مباشر، أو يمكن أن يكون متحركًا بحدود معينة (managed float) حيث تسمح الحكومة بتقليل التقلبات الكبيرة في القيمة.

تعويم العملة يعكس نهجًا أكثر حرية في السياسة النقدية ويسمح بتكييف القيمة العملة مع التغيرات الاقتصادية العالمية، ويمكن أن يكون له تأثير كبير على تصدير واستيراد البلد المعني وعلى اقتصاده بشكل عام.

أنواع تعويم العملة:

إما أن يكون التعويم خالصا أو يكون مُوجَّها:
– التعويم الخالص: يتم ترك تحديد سعر الصرف لقوى السوق وآلية العرض والطلب بشكل كامل، وتمتنع الدولة عن أي تدخل مباشر أو غير مباشر.

التعويم المُوجَّه: يتم ترك تحديد سعر الصرف لقوى السوق وآلية العرض والطلب، لكن الدولة تتدخل (عبر مصرفها المركزي) حسب الحاجة من أجل توجيه أسعار الصرف في اتجاهات معينة من خلال التأثير في حجم العرض أو الطلب على العملات الأجنبية.

ويتم اتباع هذا النهج الموجَّه لتعويم العملة في بعض البلدان ذات النظام الرأسمالي إلى جانب بعض البلدان النامية التي يرتبط سعر صرف عملتها بالجنيه الإسترليني، الفرنك الفرنسي (سابقا) أو الدولار الأمريكي أو حتى بسلة من العملات.

** إعلان **

اقرأ/ي أيضا: 10 مشاريع صغيرة في المنزل للسيدات مضمونة الربح ✅

كيف ظهرت فكرة تعـويم العملة ؟

إعلان

فكرة تعويم العملة ظهرت نتيجة للتطورات الاقتصادية والنقدية التي شهدتها العالم على مر العصور. هناك عدة عوامل وأحداث أسهمت في ظهور هذه الفكرة، ومن بينها:

1. نهضة العصور الوسطى: في العصور الوسطى، كانت العملات مرتبطة بالذهب والفضة بنسبة ثابتة. ومع ذلك، بدأت التجارة الدولية في التوسع، مما أدى إلى زيادة الحاجة إلى عملات أكثر مرونة. تم تبني نظام “الأموال الورقية” بدلاً من العملات المعدنية، وهو أول خطوة نحو تعويم العملة.

2. الحروب العالمية: خلال الحروب العالمية، تعرضت العديد من البلدان لأوضاع اقتصادية صعبة. لتمويل الحروب، بدأت الحكومات في طبع العملات بكميات هائلة، مما أدى إلى تضخم العروض النقدية وتقلب قيم العملات.

3. اتفاق بريتون وودز: بعد الحرب العالمية الثانية، تم التوصل إلى اتفاق بريتون وودز عام 1944، والذي أنشأ نظامًا نقديًا يرتبط قيم العملات بالدولار الأمريكي وبالذهب. ولكن بمرور الوقت، أصبحت هذه الروابط غير قائمة على أسس مستدامة.

4. تحرير الأسواق: خلال القرن العشرين، تبنت العديد من البلدان سياسة تحرير الأسواق وإزالة القيود على تداول العملات. هذا الإصلاح أدى إلى تطور نظام تعويم العملات الذي نعرفه اليوم.

5. العولمة: مع تزايد التجارة الدولية والاتصالات العالمية، أصبح من الضروري تحرير العملات لتسهيل التبادل التجاري وجذب الاستثمارات الأجنبية.

في النهاية، ظهرت فكرة تعــويم العملة كجزء من التطور الاقتصادي والنقدي العالمي والحاجة إلى نظام مالي يكون أكثر مرونة وقابلية للتكيف مع التغيرات الاقتصادية والسياسية. تمثل هذه الفكرة جزءًا هامًا من النظام النقدي العالمي الحالي الذي يعتمد على تحديد قيم العملات بناءً على العرض والطلب في الأسواق العالمية.

إعلان

آثار تعويم الـعملة على اقتصاد الدول

تعويم العملة يمكن أن يكون له آثار متباينة على اقتصاد الدول، وتعتمد هذه الآثار على العديد من العوامل بما في ذلك حجم الاقتصاد وسياسته النقدية والاقتصادية والأوضاع العالمية. إليك بعض الآثار الرئيسية لتـعويم العملة على اقتصاد الدول:

1. تأثير على التجارة الخارجية: تعــويم العملة يؤثر على تصدير واستيراد الدولة. إذا قلت قيمة العملة بسبب التعويم، يمكن أن يزيد ذلك من صادرات البلد ويجعل المنتجات الوطنية أكثر تنافسية على الساحة الدولية. على الجانب الآخر، يمكن أن يرفع تـعويم العملة أسعار الواردات ويؤدي إلى تكلفة أعلى للمواد الخام والمنتجات المستوردة.

2. تأثير على القطاع المصدري: قد يؤدي تعويم العــملة إلى تقليل قيمة الـعملة المحلية وبالتالي يمكن أن يؤدي إلى تحسين دخول الصادرات. هذا يعزز القطاع المصدري للاقتصاد.

3. تأثير على الدين الخارجي: إذا كان لديك دين خارجي مقوم بالعملة الأجنبية، فإن تعــويم العملة يمكن أن يزيد من قيمة هذا الدين بالعملة المحلية، مما يمكن أن يؤدي إلى عبء أعباء ديون أكبر.

4. تأثير على التضخم: يمكن أن يؤدي تعويم العملة إلى زيادة التضخم إذا زادت أسعار الواردات بسبب تراجع قيمة العملة. وهذا يمكن أن يكون تحديًا للحكومات في مكافحة التضخم.

5. تأثير على السياستين النقدية والمالية: تغير قيمة العملة يمكن أن يؤثر على السياسات النقدية والمالية للدولة. يمكن أن يتطلب التعويم تدابير للتحكم في تأثيراته السلبية.

6. تأثير على الاستثمار الأجنبي المباشر: تأثر العملة بالتقلبات يمكن أن يؤثر على قرارات الاستثمار الأجنبي المباشر في البلد.

7. تأثير على المواطنين: يمكن أن يؤثر تعـويم العملة على القوى الشرائية للمواطنين، حيث تزيد تذبذبات أسعار العملات من تكلفة المعيشة والأسعار.

بشكل عام، تعتمد آثار تعـويم العملة على سياق وظروف الدولة وكيفية التعامل مع التحركات في قيمتها. تلعب الحكومة والبنك المركزي دورًا مهمًا في تحديد سياسات التعويم وإدارتها لضمان استقرار الاقتصاد والنمو الاقتصادي.

اقرأ/ي أيضا: مامعنى تبييض الأموال ؟ ماهي وسائله، مراحله ونتائجه ؟