لماذا الصحّة العقليّة لا تقل أهميّة عن الصحة الجسديّة؟

إعلان

أهمية الصحّة العقليّة –
إذا طلب من الفرد العربي أن يكتب كتابا عن المواضيع المحرمة الحديث عنها ، ستجده يهرول مسرعا نحو كل ما يشمل النفس و الجنس و الحب و الفلسفة و الدين و علوم الإجتماع ليترك تفسير الاحلام و الحديث عن فلان و فلان و النقد السلبي و الكلام و الثرثرة و الفسفطة.

لطالما كان موضوع الصحة العقلية خطا أحمر لا يجب تجاوزه، من المعاصي الكبيرة التي تضاهي حتى الارتداد عن الإسلام، أن تتحدث الأم مع أبنائها عن الاكتئاب و الأفكار الانتحارية يعد جرما في حق الإنسانية و هي بهذا لا تقوم بواجب التربية على أكمل وجه، أن يشتكي الأبناء من الوسواس القهري و أعراضه المرهقة، أن يعبروا بكل حرية عن ما يخالجهم من مشاعر و أفكار قد تبدو لهم غريبة نظرا لبداية بوادر الإطلاع.

ثقافة الأمراض النفسية و العقلية لا تزال من الممنوعات المحظورات، تبدو السكيزوفرانيا بمثابة الوحش لمثل مجتمع فيخجل المصاب من النظرة الدونية و الاكليشيهات التي توقعه في دائرة مغلقة من توبيخ النفس على أمر أقل ما يقال عنه عادي.

ما الذي يجعل المجتمع في مثل جهل عن الصحة النفسية و العقلية؟ و ما الذي يجعل الناس في سباق متواصل نحو أشياء مادية فانية ؟

في تونس، يركض بعض أولياء الأمور لتحقيق كل ما هو مادي لإسعاد أطفالهم، يدفعون مبالغ طائلة لتدريسهم و تنمية قدراتهم، يوبخونهم لنتائج مدرسية قد تراجعت، بقبضة معصم يفتكون أحلامهم فيصبح من شبه المستحيل أن يصير الطفل نفسه لا نسخة من أبيه أو أمه أو مشروع زوجين يبدو في الظاهر ناجحا.

لا يتقبل العربي فكرة أن الصحة العقلية و السلام الداخلي الذي يحظى به قرابة العشر أشخاص في العالم : ” أريد أن يصبح إبني طبيبا، و عازفا للبيانو و سباحا ماهرا، أن يحضى بنتائج أفضل من نتائج إبن عمه و إبن الجيران و زميله في الصف “.

أين الرغبة في رؤية طفلك سعيدا، راسما لطريق خاصة، محققا أحلامه و فخورا بإنجازاته؟

أتفهم أن الأولياء يريدون المستقبل الأفضل لأبنائهم، لكن هذا الهوس الذي يقود الشباب للإنتحار و الاكتئاب و الضياع التام ليس إلا نتيجة ثقافة الاستهلاك و ثقافة “ولدي نرا فيه مشروع حياتي، راس مال”.

[better-ads type=”banner” banner=”4017″ campaign=”none” count=”2″ columns=”1″ orderby=”rand” order=”ASC” align=”center” show-caption=”1″][/better-ads]

رفقا بصحة أطفالكم العقلية

صورة طفل مكتئب – مصدر الصورة: drawing skills

كما تدفعون أموالا طائلة لزيارة طبيب العظام و الحنجرة و الجراح، لا بأس لو إقتدتم بنصائح أطباء النفس و الأخصائيين، الجسم السليم لا يتواجد إلا بتوفر عقل سليم و نفس نابضة بالحياة.

هذا الهرب المتواصل من مراعاة نفسية الفرد و الحديث بعقلانية و محاولة خلق الحلول عوض جعلها قضية رأي عام سينعكس سلبا على الطفل الذي سيصبح كهلا ملأءه الفراغ و تراكمات من العقد و التروما مما سيؤثر على تركيبة المجتمع اللامتوازنة و نفر بجلودنا من جديد من خطأ خلقناه بأيادينا، من وحل جهل غرقنا و أغرقنا فيه البلاد. إذا أعتبرت الصحة العقلية ترفا لذوي الأموال و أصحاب الجاه، فالحياة بهذه الحال جعلت لمن إمتلكوا الذهب و اللؤلؤ.

قد تتحسن حال الفرد من صباح خير على ثغر مبتسم ، من قهوة أعدت ببن التفاؤل مع القليل من سكر الأمل، قد تنير حياة مظلمة بمجرد ” محلاك و محلا ضحكتك “، لا يتطلب الأمر الكثير لنرسم شعاع الخير في سماء مكدرة، قد نكون السبب في تراجع أحدهم في وضع حد لأنفاسه.

فقط، لو تلقينا تربية مختلفة مع رشة من مراعاة مشاعر الناس و إحترامها، تقدير ألام الأخرين و مد يد العون، لو كانت الصحة العقلية مادة تدرس منذ نعومة الأظافر و من يرسب فيها لا يخرج للمجتمع إلا و أن يصبح فردا فاعلا و مقدرا و ملما بأهميتها، لو و لو و لو، لصرنا حقا خير الأمم.

الصحة العقلية ليست صيحة أو مجرد هاشتاغ، ليست منشورات لجلب بعض الإهتمام و الأسى، ليست بعض أقوال الكتاب و الفلاسفة الانتحارية التي تنشرونها مع منتصف الليل لكسب بعض الحب و الحنان، ليست أغاني حزينة و مسلسلات و أفلام سوداوية، ليست لجلب بعض اللايكات و التعاليق، الصحة العقلية هي أساس حياة متوازنة و إن غاب الساس غاب لب الحكاية.

أهمية الصحّة العقليّة –

[better-ads type=”banner” banner=”3938″ campaign=”none” count=”2″ columns=”1″ orderby=”rand” order=”ASC” align=”center” show-caption=”1″][/better-ads]

اقرأ/ي أيضا: تعاني من القلق والتوتر؟ إليك 6 خطوات لتحافظ على صحّتك