زواج القاصرات.. أو إغتصاب الطفولة

إعلان

زواج القاصرات –

عندما كنت صغيرة في السن كنت أظن أن 2020 يعني مستقبال بعيدا جدا حيث السيارات الطائرة و الروبوتات التي ستغزو العالم، تفصلنا أربع أشهر عن 2020 و زواج القاصرات ال يزال يعد في عديد الدول خاصة العربية منها أمر أقل ما يقال عنه عاديا بل من العادات و التقاليد.

نحن في القرن الواحد والعشرين و لكن لا نزال بعيدين كل البعد على المساواة الفعلية و إحترام الحرمة الشخصية، تولد الفتاة لأمرين أساسين الزواج و الإنجاب، و إذا لم يتحقق هذان الشرطان فهي متمردة لنا الحق في لومها و نقدها و شتمها لأنها لم تستشر أحدا قبل أن تختار الحق في الحياة كإنسان.

تزوج الفتيات منذ نعومة أظافرهن لكهول و عجز، تصوروا معي فتاة تبلغ من العمر خمس سنوات إلى جانب كهل يبلغ من العمر
خمسين سنة، أليست بيدوفيليا يوافق عليها المجتمع؟

زواج القاصرات

تتخلى الفتاة عن أحلامها و أهدافها، صورة جميلة كان يمكن لها أن تبدع في رسمها في المدرسة أو درس لغات كان سيجعل من
لسانها حرا طليقا أو أصدقاء و صديقات تلعب معهم، أن تركض خلف العصافير و الفراشات و البالونة إذا أفلتت من قبضة يدها، كان يمكن لها أن تعيش حرة لو لم تكن أنثى.

تسجن الفتاة في قفص العاهات و التقاليد و يزوجها من وهبها الحياة لعديد الأسباب أهمها تحسين الحالة المادية و النهوض بالوضع المالي للأسرة، نعم نحن عالم ننجب أطفالنا لنبيعهم سلعا لأصحاب الجاه، أنت محق نحن
عالم لا نعي قيمة الطفل فنسلبه الحياة، نعم نحن عالم ذكوري متوحش بالأساس.

نزوج القاصرات لأن نظرتنا للفتاة نظرة دونية بحتة، نراها سلعة جنسية، متعة، وجبة ليلية. نسحق الفتيات و أحلامهن لأن العادات تقضي بتزويجهن قاصرات دون سن البلوغ كمصر و السودان و الصومال و اليمن و غيرهم، نزوجها قاصرا لأننا تحت قبضة مجتمع جاهل، نزوجها قاصرا لأننا نراها جسدا لا أكثر، نزوجها قاصرا لكي يربيها زوجها، نزوجها قاصرا لأن الأنثى لا يحق لها التعبير أو الاختيار، نزوجها قاصرا لأنها أنثى و في عالمنا لا حق للأنثى الحياة.

العيش في العالم العربي كأنثى ليس بالأمر الهين، ليس سهلا أن تعيش ضحية جسد أو جنس، أنثى تعني المقاومة.

نلزم القاصر قعر البيت، و نغلق فاهها و نجلسها إلى جانب زوجها المثير للشفقة، لأنها دون صوت أو فكر أو رأي أو قرار، نحن
أمة تنجب للإناث لتيسير حياتهن و تكثيف الرقابة عليها، أمة تدفن الأنثى و هي حية بالمعنى الحرفي، ندفن براءتها و عبير أحلامها
و عبق عقلها من أجل نيل رضاء كهل مكبوت يبلغ الخمسين من العمر يطمح لوريث شرعي لمنزله.

[better-ads type=”banner” banner=”4017″ campaign=”none” count=”2″ columns=”1″ orderby=”rand” order=”ASC” align=”center” show-caption=”1″][/better-ads]

الإحصائيات و الإعداد أقل ما يقال عنها صادمة، 37000 حالة زواج القاصرات في اليوم الواحد، أي 37000 حالة إغتصاب يوميا
أي أن الفتاة مجبرة على أن تشارك حياتها مع شخص قد إنتهك حرمتها و قلل من إحترامها.
حالات الوفيات و النزيف الداخلي الذي يبلغ عنه أو تخفى ملابساته يتعدى الألاف يوميا، فزواج القاصرات لا يضم فتيات في سن
ال16 فقط بل أطفال في عمر الخمس و الست سنوات.

نحن في القرن الواحد والعشرين و لكن لا نزال نعامل الأنثى كسلعة تباع و تشترى بالمال، لا نزال نقلل من شأنها و نراها أداة
إنجاب و نشوة لا أكثر، هي في خدمة الرجل، نولد إناثا لنلغي وجودنا لحساب الذكر.

إن تحاجج رجال الدين و الشيوخ بالقران و الرسول فإن زواج القاصرات دينيا محرم و يعتبر معصية، و إن الأحاديث الضعيفة غير
موثوقة المصدر لا يمكن أخذها بعين الإعتبار ، كيف لدين يدافع على حقوق الإنسان و إحترام الكيان يمكنه أن يحلل مثل جرم، مثل
قضية للأسف محشورة بين السياسة و الدين عوض أن توضع في إطارها كقضية حقوقية و تعالج من وجهة نظر قانونية و بهذا يلزم كل من يجبر إبنته على الزواج السجن و لو كان أبا أو أما و إن وقفنا صفا واحدا ضد مقل جريمة فأن الطفيليات كعادتها و لقلة فهمها و فقهها بالدين سوف تتدخل و تدعو كل نغير مصلح بالكافر الملحد و نفس الحلقة المغلقة.

مكان الطفل أحضان والديه، مكان الطفل قلب غافق بالحياة، مكانه مدرسة و حروف و أقالم، مكانه مستقبل مشرق و أهداف، لا
يمكن أن نقيد طفلة في فراش و أوهام، كيف لها أن تعيش كإنسان و هي لم تلقى القليل من الحنان. زواج القاصرات هو بيدوفيليا و من يرى في طفلة بالغة من العمر خمس سنوات زوجة ترعى الأولاد فهو يعاني و بإمتياز من خلل و يحتاج العالج.

STOP CHILD MARRIAGE

نظرا لكون الثقافة الجنسية منعدمة في العالم العربي فأن مثل واقع صادم مقزز لا مفر منه، إذا كانت الأنثى تعني المتعة و الذكر الهيمنة فأن طريق التقدم لا تزال بعيدة جدا، نرى العيب في الفتاة فحفاظا عليها و صيانة لها نزوجها حتى لا تقع في المعصية، حفاظا على عذريتها نزوجها منذ سن مبكرة، حفاظا على سمعة و شرف العائلة نزفها و نزوجها، من أجل بعض الدولارات نبيعها لذئب غير صبور ذئب مفترس يغرق عينيها دموعا.

في البلدان التي تعاني الحروب و يكثر فيها اللجوء، فأن عدد حالات زواج القاصرات قد إزداد عدده في سوريا من 7 لى 30 في المئة عام 2015، حسب المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية. يرضى عالمنا بمثل وقائع بل يرحب بها بصدر رحب، إياك و نقدها و إلا قد خرجت على السرب، نحن أمة ترى العيب في الأنثى لأنها أنثى و نقدس الذكور لأنها ذكور.

تمردي كوني التغيير.

 

زواج القاصرات –

[better-ads type=”banner” banner=”3938″ campaign=”none” count=”2″ columns=”1″ orderby=”rand” order=”ASC” align=”center” show-caption=”1″][/better-ads]

اقرأ/ي أيضا: الشباب و الهجرة…هل هي تذكرة العبور إلى النّعيم.. أم شرّ لابدّ منه؟