خزندار و خزينة مال الدولة: ماض يعيد نفسه

إعلان

مصطفى خزندار –

حث العجوز في مكتبته الحائطية عن كتاب ليسرد أحداثه لأحفاده، يتوسط الأطفال الذين بفارغ الصبر ينتظرون قصة اليوم. يرتدي الجد نظاراته و يتوجه لهم قائلا: كان يا مكان في قديم الزمان، حكم تونس البايات، و هم في الحقيقة عكس ما يقول العديد عنهم، هم عبيد قد تم إستقبالهم في تونس و تعليمهم و تدريبهم ليمسكوا زمام الأمور.

ضحك الجد و واصل خطابه، لطالما حدثونا في صغرنا عن علي باب و الأربعين حرامي فماذا عن حرامينا ؟ مصطفى خزندار و اسمه الأصلي “جورجيوس كالكياس سترافيلاكيس” وُلد حَوَالي 1817م في بلدة كردميلة بجزيرة خيوس حيث هلك أبوه إستفان في مذابح فتنة العصيان سنة 1821 لمّا ثار الوطنيون اليونانيون على حكم الأتراك العثمانيّين في سبيل استقلال بلادهم و حمل و هو طفل صغير لإزمير ثم إسطمبول حيث بيع كرقيق لأحد تجار الرقيق الذي باعه في سوق العبيد في تونس.

من هو مصطفى خزندار؟

مصطفى خزندار

في عهد أحمد باي عين مصطفى خزندار وزير المالية و سيطر على الوزارة الكبرى و وزارة الخارجية و وزارة المالية و لكن لما الحديث عن مثل شخصية تاريخية. في الحقيقة مصطفى خزندار هو من من نهبوا الإيالة التونسية في عهد البايات و إستغل نفوذه و سلطانه حتى ” يعبي في جيبو” و كأي صاحب سلطة بنا القصور و باع المناصب المدنية و جعل من مال ضرائب الشعب لقمة يومية.

تعاقب على العالم منذ قديم الزمان علي بابا و أربعين حراميا منذ خزندار و قبله بألاف السنين لهذه الساعة بالتحديد، كل من كان صاحب الجاه إلا و أصبحت أمور الرعية و البلاد أخر همه، المال يعمي الأبصار و يصير الشعب مجرد دنانير و دراهم و الوطن عماده الفساد و الرشاوي. حكاية خزندار يمكن تطبيقها في أي زمان و أي مكان أو في أي وطن كان، التاريخ يعيد نفسه و كما قال جورج بارنارد شو : ” إذا أعاد التاريخ نفسه سيظهر عجز الإنسان عن التعلم من التجارب ” ، أي أن نفس السيناريو هو في إعادة دائمة بأخطاء مضاعفة و لكن تختلف الوجوه و الشخصيات و الخطابات. العالم العربي في تبعية إقتصادية و مالية لا يمكن نكرانها، نعم يمكن أن يكون إقتصادهه أفضل بعشرات المرات و كان يمكن له أيضا أن ينافس العديد من الدول على عديد الأصعدة و خاصة بالفعل و القرارات التي يعمل بها لا ذلك الحبر على الورق، و لكن تاريخ العالم العربي الإقتصادي حافل جدا بكل تلك القروض من البنوك الدولية و المساعدات التي تأتي من كل نحو و صوب مليارات المليارات، و منذ عهود قد ولت و هو تحت حراسة مالية و إقتصادية مشددة و إن تحصل على إستقلاله التام، فالأجندة المالية فيها كل المبالغ.

[better-ads type=”banner” banner=”4017″ campaign=”none” count=”2″ columns=”1″ orderby=”rand” order=”ASC” align=”center” show-caption=”1″][/better-ads]

إعلان

إعلان

و إن زال عهد الكوميسيون المالي فعهد الذل لا يزال. يبقى التقليد الخزنداري متداولا في كل الحكومات التي تعاقبت على العالم العربي . منذ عديد القرون هذا هو الحال، تنهب خيراتها، تقترض المال، تدفع الأجيال القادمة الفاتورة، يغرق الشعب في الضرائب، تصبح العملة بلا قيمة ، تشهد الأسعار إرتفاعا، أجور العمال تشهد تأخيرا، الإستثمارات و المشاريع مستقبلها شبه ضبابي و تبقى البلدان في هذه الحلقة المغلقة دون تغيير . كان يمكن للعالم العربي و إفريقيا أن تكون رائدة في أي مجال، هذه الجملة لطالما تتراود على ذهني، كان يمكن أن نصنع و نصدر ، كان يمكن لنا أن نستغل كل قطاع و نعمل فيه جاهدين، كان يمكن للعملة أن يكون ذي قيمة، كان و كان و كان يمكن لوضع هذه الأمة أن يكون أفضل.

مهما ثرنا ضد النهب و الفساد فأيادينا لا تزال مكبلة و أفواهنا لا يسمع لها وعيل و المعني بالأمر أصم. و في وسط هذا الزحام و السماء الرمادية المكدرة، هناك من يعمل جاهدا ليرى الأمة تعلو القمم، الشباب اليوم في عمل دؤوب لتحقيق أحلامه و النهوض بأرض الوطن. خزندار و أحفاده لن تندثر ولكن أنتم أحفاد العقل و الفكر و الساعد تبنون جدارا فاصلا الامة عن من ينهبها. أعاد الجد الكتاب في الرف و إلتفت إلى أحفاده قائلا: ” أما إللي رضا بالذل، الذل يرضى بيه.

” شغل الراديو ليحمل فنجان قهوته على أغنية صبري مصباح و يغادر الغرفة و هو يردد عمري ما نسيت.

[better-ads type=”banner” banner=”4017″ campaign=”none” count=”2″ columns=”1″ orderby=”rand” order=”ASC” align=”center” show-caption=”1″][/better-ads]

اقرأ/ي أيضا: أنا من أحرر وطني – تدوينة بقلم: سعيدة الجلاصي