تعلم اللغات في الصغر كالنقش على الحجر

إعلان

تعلم اللغات في الصغر –

أصبحت اللغات الأجنبية في واقعنا الراهن ذات أهمية بالغة خاصة مع إنفتاح الحضارات ونهلها من بعضها البعض، ومع غزو العولمة والتكنولوجيا أصبح الإبحار عبر الأنترنات أمرا ضروريا لا غنا لنا عنه.

تراهن الأجيال القديمة على تلقين الأجيال المقبلة والناشئة سبل التعلم وإغتنام فرص التطور العلمي والتكنولوجي لإكتساب الثقافة والزاد المعرفي اللازم لكل كيان. وهنا تكمن أهمية اللغات الأجنبية في فتح بوابات الإستثمار في الذكاء وتحفيز الفكر على ممارستها كلغة حيّة باتت همزة وصل بين الثقافات، وهي كلغة ثرية تستهوي الذائقة العامة بشتى إختلافاتها. أثرت بأساليبها وقواعدها ولحنها في أذواق الصغار والكبار.

في فرانكفورت،في مركز تعليم اللغة الإنجليزية للأطفال، حتى الرضع منهم تجلس الأمهات مع أطفالهن يستمعون إلى الأغاني الإنجليزية ويتمايلن مع الألحان. يريد الآباء أن يتعلم أبناؤهم لغة جديدة غير اللغة الألمانية، لكن الأطفال هناك لا يولون إهتماما بما يسمعون، إذ تعتبر لغة غريبة بالنسبة لهم. ما إن يردد أحدهم كلمة بالإنجليزية حتى تنهال عليه عبارات الثناء. وفي هذا الصدد تقول “مريم باردوفيكس” وهي والدة الطفلة “ميرالي” والتي تبلغ من العمر سنة واحدة وترتاد مع والدتها المركز منذ ثمانية أشهر لتعلم اللغة الإنجليزية :”فيما يتعلق بثنائية اللغة فمن الأفضل للطفل أن يبدأ في سن مبكرة في سماع اللغة الثانية إضافة إلى لغته الأم ،وهذا يساعد كثيرا في إعداد الطفل للمستقبل، وخاصة إذا أراد هذا الطفل لاحقا أن يتعلم اللغة الثانية بشكل جيد“.

علميا، يعود هذا بالأساسا إلى أن المفاهيم والمهارات اللغوية يتم إكتشافها في مرحلة مبكرة من العمر. كما أن الأساسيات والقواعد اللازمة لتعلم لغة ما والنطق بها تترسخ بسرعة في ذهن الطفل منه في أذهان الشبان والكهول.

على خلاف ذلك، تشير “بترا شولز”، الباحثة في علم اللغات والبروفيسورة في جامعة فرانكفورت في معهد علم النفس واللغة،  إلى أنها لم تقرأ أية دراسة علمية تثبت أن لدورات تعليم اللغات الأجنبية للأطفال في سن مبكرة تأثير إيجابي، إذ تعتقد أن هناك مبالغة في تقدير تأثيرها الفعلي بالنسبة للأطفال. زد على إحتكاكهم مرة كل أسبوع باللغة،وهو ما يجعلهم يولون جلّ إهتماماتهم للأنشطة والدروس الأخرى التي يتلقونها كل يوم. تقول :”إن الطفل الذي يتعلم لغة ثانية غير لغته في مراكز اللغات لا يقارن بالطفل الذي يكبر ثنائي اللغة في العائلة منذ الولادة“.

على ضوء ما نعيشه في زمن العولمة ،تقول “ماري آنّا فيليباكيس”، صاحبة مركز لتعليم اللغة الإنجليزية :”إذا تعلم الأطفال اللغة الأجنبية في مرحلة مبكرة من عمرهم فسوف يتقنونها في المستقبل من دون صعوبة” .وفي نقدها للنظام التعليمي الألماني تقول:”إن المدارس الألمانية تدرس اللغة الأجنبية الأولى في وقت متأخر جدا.وبعد ذلك يجب على الأطفال إتقان اللغة الجديدة في وقت لا يتجاوز الثماني سنوات أي حتى نهاية المدرسة “، وهو ما جعل الأهالي في ألمانيا يتخوفون من الإحتمالات السلبية التي قد تطرأ في المستقبل وتنعكس بالضرر على مستقبل أبنائهم في الحصول على وظيفة جيدة.

تعلم اللغة عن طريق الموسيقى واللعب الأمهات اللواتي يرافقن أطفالهن إلى مركز التعليم اللغوي يعرفن أهدافهن تماما، فاللغات الأجنبية جزء لا يتجزأ من حياتهم اليومية. عن طريق الموسيقى والغناء ينمو الحس اللغوي عند الأطفال.

تعلم اللغات في الصغر –

[better-ads type=”banner” banner=”4017″ campaign=”none” count=”2″ columns=”1″ orderby=”rand” order=”ASC” align=”center” show-caption=”1″][/better-ads]

هل يتعلم الطفل إيقاعات اللغة كما يتعلم إيقاعات الموسيقى؟

تجيب عن السؤال عازفة بيانو يابانية وأم لطفلة الثمانية عشرة شهرا، (نشأت الطفلة ثنائية اللغة لأب ألماني وأم يابانية) تقول الام :”إن اللغة هي مزيج بين الإيقاع واللحن“، تضيف :”إن الشعور بالإيقاع ينمو عند إبنتي وهذا ما يفيدها كثيرا في تعلم اللغات“.

وبحسب بعض الدراسات العلمية، فإن علاقتنا باللغات تتطور في كلّ فترة عمرية، إذ تمنحنا كل فترة ميزة جديدة تهيئنا لتعلم اللغة. يستطيع الرضيع تمييز الأصوات المختلفة بدقة، وعندما يتعلم المشي يكتسب اللهجة الأصلية بسرعة فائقة وعند البلوغ تزيد قدرته على الإنتباه والتركيز لفترات أطول وتتحسن بعض المهارات الأساسية مثل تعلم مهارة الكتابة والقراءة التي تمكنه من توسيع حصيلة مفرداته سواء في اللغة الجديدة أو في لغته الأمّ.

إكتساب اللغة بسهولة

كلنا نكتسب اللغة بالفطرة. إذ يستطيع الطفل منذ الولادة الإستماع لأصوات جميع حروف الهجاء. وخلال العام الأول يميز الدماغ بين الأحرف، فيكون أكثر إنتباها للأصوات التي تتكرر بكثرة على مسامعه. ويصدر الرضيع أصواتا أو يناغي باللغة الأمّ. ويبكي حديثو الولادة بلكنات مميزة تشبه اللغة التي كانوا يسمعونها في بطون أمهاتهم. تقول “دانيجيلا ترينكيك” وهي خبيرة في علم النفس اللغوي بجامعة يورك:”لابد من أن نفهم أن عامل السنّ هو مجرد واحد من متغيرات عديدة تؤثر على القدرة على تعلم اللغة“، وتظيف أن علينا الأخذ بعين الإعتبار أثناء المقارنة بين مهارات الأطفال والبالغين اللغوية أن حياة الأطفال تختلف كل الإختلاف عن حياة البالغين. وضربت “ترينكيك” مثالا بالعائلات التي تهاجر إلى بلد آخر فالملاحظ أن الصغار يتحدثون لغة البلد الجديد أسرع مما يتعلمها آباؤهم وقد يرجع ذلك إلى كثرة تكرارها على مسامعهم.

أجرى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في كامبريدج سابقا إختبارا عبر الأنترنت شارك في نحو 670 ألف شخص وخلص إلى أن أفضل سن لبدء تعلم قواعد اللغة الإنجليزية هو العاشرة من أجل إتقانها تاما لا يقل عن مستوى الناطقين بها، وبعد سن العاشرة تتضاءل القدرة على تعلم قواعد اللغة. الدراسة نفسها أثبتت أن مهاراتنا اللغوية تتطور كلما تقدم بنا العمر ونصبح أكثر تمكنا من لغتنا الأمّ.يتعلم الناس كلمة جديدة يوميا تقريبا من لغتهم الأم حتى بلوغ منتصف العمر.

 

تعلم اللغات في الصغر –

[better-ads type=”banner” banner=”3938″ campaign=”none” count=”2″ columns=”1″ orderby=”rand” order=”ASC” align=”center” show-caption=”1″][/better-ads]

اقرأ/ي أيضا: كيف يساهم تعلم لغة جديدة في تغيير شخصيّتك؟