تأثير ديكوي أو التأثير الخادع.. لماذا نشتري أكثر مما نحتاجه؟

إعلان

إعلان

تأثير ديكوي –

من المحتمل أنك لاحظت عند دخولك لأحد المقاهي الشهيرة، أنها تبيع القهوة بثلاثة أحجام: صغير ووسط وكبير. ومن المحتمل جدًا أنك قررت بما أن سعر الكوبين المتوسط والكبير متطابقين تقريبًا، فستشتري الكبير، ومن المحتمل أنك بعد هذا شعرت بأنك انتصرت على المتجر!

لكن في الحقيقة، ما حدث أنك كنت الضحية لـ”Decoy Effect” أو “فخ الاستهلاك”. فما حدث هو أن المتجر عرض كوب قهوة متوسط الحجم بثم غالٍ نسبيًا، ليجذبك لشراء الكوب الكبير المقارب له في الثمن. لقد أغراك لتدفع أكثر مما كنت ستدفعه في ظروف عادية.

تأثير ديكوي – Decoy Effect

تأثير ديكوي – Decoy Effect

ويسمى تأثير الطُعم أو التأثير الخادع أو تأثير الجذب (Attraction Effect) أو تأثير الهيمنة غير المُتماثلة (Asymmetric Dominance Effect).

وهي إحدى الاستراتيجيات التي يتم استخدامها في التسويق للتأثير على عملية صنع قرار الشراء لدى العملاء، يتم من خلالها التأثير على المستهلك بجعله يميل لتفضيل خيار ما عند وضع خيار آخر غير منطقي (يعمل كالطُّعم) بحيث يُظهر الخيار الأعلى سعرًا و كأنه صفقة ناجحة.

يتم استخدام تأثير الطُعم عادة عند رغبة الشركة بزيادة مبيعات مُنتج معين إلى أقصى حد ممكن. بحيث تقوم الشركة بطرح مُنتج بجودة عالية وبسعر مُرتفع، وهو المُنتج الذي تريد الشركة زيادة مبيعاته، ومٌنتج آخر يتميز بسعر مُنخفض وجودة مُنخفضة، بالإضافة إلى مُنتج ثالث، هو الطُعم، يتميز بسعر أقل بنسبة بسيطة من المُنتج الأول ولكن بجودة قليلة، أو قد يتميّز بسعر مرتفع جداً عن سعر المُنتج الأول وبجودة أعلى قليلاً من ذلك المُنتج.

** إعلان **

أمثلة على استخدام تأثير ديكوي

يُصادف المُستهلكون هذه الحالة كثيراً في المطاعم أو المقاهي أو السينما أو الأسواق. فعلى سبيل المثال، قد يعرض أحد المقاهي ثلاث خيارات لكوب القهوة، فقد تجد:

  • الخيار الأول: كوب قهوة بسعة 150 مل بسعر دولارين.
  • الخيار الثاني: كوب قهوة بسعة 250 مل بسعر 4 دولارات.
  • الخيار الثالث: كوب قهوة بسعة 255 مل بسعر 6 دولارات.

أمثلة على استخدام تأثير ديكوي

في معظم الحالات، “العقل والمنطق” سيدفعان لاختيار الرحلة (أ) لأنها أرخص من الرحلة (ج) وبوقت انتظار أقصر بكثير من الرحلة (ب) مع أن الرحلة (ب) بتكلفة أقل بكثير.

حسناً، ماذا لو قمنا بتعديل شيء بسيط. ماذا لو قلنا إن الرحلة (ج) تكلّف 330 دولار، وفيها توقّف مدته 195 دقيقة. الآن أصبحت الرحلة (ب) هي الأكثر جاذبية، وقد وجد الباحثون ذلك فعلًا من المشاركين.

لكن كيف يُعقَل هذا؟ فالرحلة (ب) هي نفسها تمامًا، لكن التغيير الذي طرأ على الرحلة (ج)، بجعل وقت الانتظار أطول، قد غيّر إدراك الناس للخيارات المعروضة أمامهم، وأصبحوا الآن يميلون إلى اختيار الرحلة الأرخص بالرغم من وقت الانتظار الأطول. لماذا لم يختاروا الرحلة (ب) منذ البداية رغم؟ إنه الفخ!

ما حدث أنه في كلتا الحالتين صممت الرحلة (ج) لتمثل “الفخ الاستهلاكي”، بحيث تكون هذه الرحلة هي مجال المقارنة، ما يوقع المستهلك في الفخ المعد مسبقًا.

تأثير الطُعم أو التأثير الخادع

وجدت التجارب التي درست عروضًا من هذه النوع، أن استخدام فخاخٍ حسنة التصميم، قد يغيّر الرأي بين الخيارين الآخرين بنسبةٍ تصل إلى 40%. يتجلّى في ذلك مدى سهولة تغييرنا لآرائنا اعتمادًا على تقديمها لنا. وما يهمّ المسوّقين في ذلك، أن وضع خيارٍ عديم القيمة قد يدفع المستهلك إلى دفع مبلغٍ أكبر.

** إعلان **

أسباب نفسية غير معروفة

وإذا ما نظرنا إلى هذه الفكرة من منظورٍ نفسي، فالأسباب المحدّدة وراء ذلك لا تزال غير معروفة على وجه الدقة. لكن ربما يمكن تعليل ذلك بفكرةٍ بسيطةٍ،.. هي أن الذهن يبرّر قرارًا اعتباطيًا بشراء سلعةٍ ما،.. بمقارنتها بالسلعة التي تُصنّف بأنها “الفخ”.

فمثلًا، لو قمت بعقد مقارنةٍ حقيقيةٍ بين الرحلتين (أ) و(ب) في المثال السابق، فكيف بإمكانك معرفة القيمة المالية التي تعادل انتظار 90 دقيقةٍ إضافية؟ ولكن إذا وُجِدَ خيارٌ ثالثٌ أقلّ جودةً من الخيارين السابقين، فهكذا تحصل على سببك الذي يسوّغ ميولك.

ويختلف تأثير الفخ الاستهلاكي من إنسانٍ إلى آخر، فيعتمد ذلك مثلًا على طريقة تفكيرك. فيمكن معرفة مدى تأثرك بقياس مدى استماعك إلى حدسك، أو إن كنت تميل أكثر إلى التأني والتحليل، إذ تزداد احتمالية وقوعك فريسةً لشرك الاستهلاك إذا كنت تعتمد على التفكير الحدسي. وهناك أيضًا الهرمونات التي تلعب دورًا في عفوية واعتباطية تفكيرنا.

ينطبق مفهوم “فخ الاستهلاك” على كل أنواع السلع

** إعلان **

استخدامات إيجابية

ولكن ما قد يُعيد إليك بعض التفاؤل،.. إذا زبونًا دائمًا لفخ الاستهلاك،.. أن هذا المفهوم، أي مفهوم فخ الاستهلاك، يمكن استخدامه لمآرب إيجابية. منها، مثلًا، ما توصّل إليه كريستان فون فاغنر، وهو أكاديميٌّ بارزٌ مختصٌّ في علوم السلوكيات والصحة في جامعة لندن، عند دراسته لقرارات الناس عندما يواجهون خيار الخضوع لعملية مهمةٍ، ولكن صعبة، لعلاج سرطان القولون.

اكتشف فاغنر أن الناس يفضّلون عدم الخضوع للعملية على الإطلاق، على ترتيب موعدٍ للفحص، ولكن يغيّر الناس قرارهم إذا عرضت عليهم خيارًا ثالثًا بإجراء الفحص في مستشفى أقل جاذبيةً سيكون عليهم فيه الانتظار لفترةٍ أطول. هذا الخيار يمثل هنا “الفخ”.

أجرى فاغنر تجربة أخرى مشابهة، عندما طلب من مشاركاتٍ، أن يخترن بين أطباء أو طبيبات، زادت قابلية المرضى الإناث للخضوع للعملية بفضل “الفخ” الذي ربما أنقذ حياة البعض بطريقةٍ أو بأخرى.

ولا تقتصر فائدة ذلك على أمورٍ مثل هذه، فيمكن تسخير هذا المفهوم في حياتك الشخصية والعملية، مثلًا في حال كنت أنت وأصدقاءك تختارون وجهةً للسفر أو فندقًا للإقامة فيه.

التحيز وقرارات الاستثمار

– حتى إذا كانت الطريقة تهدف إلى تحويل انتباه العملاء من الخيار الأكثر ملاءمة إلى الخيار الأكثر ربحًا، عن طريق إنشاء خيار سهل ونسبي، فإن “تأثير الشرك” يستخدم على نطاق واسع أيضًا في نسخته ثنائية الخيارات.

 يعني ذلك أن الناس لا يحتاجون بالضرورة إلى الكثير من الخيارات إذا كانوا يريدون خداع شخص ما للقيام بشيء من شأنه أن يفيدهم، ويمكنهم الحصول على نفس التأثير من خلال خيارين فقط، خاصة إذا كان بإمكانهم تجنب تقديم الخيار الأكثر ملاءمة للعميل.

– من أجل القيام بذلك يمكنهم العمل على نوع آخر من محركات الدماغ وهو “التحيز للفعل أو العمل” والذي يمكن تعريفه على أنه ميل البشر إلى تفضيل الفعل على التقاعس، يعد هذا تحيزًا قويًا للغاية، ويستخدم على نطاق واسع في مجال الاستثمار لإجبار الأشخاص على أداء أي نوع من الخيارات (باستثناء تلك التي تفيد العميل نفسه).

– إذا تم دمج خيار ثنائي يحتوي على شرك مع تأثير تحيز الفعل، فإن النتيجة هي أن الشخص سيشعر بالحاجة الملحة للتصرف دون أن يكون لديه سبب منطقي للقيام بذلك.

– أحد أمثلة ذلك، هو مقال بعنوان “السهم س مقابل السهم ص.. أيهما أشتري؟”، والذي يوحي بأن إحدى الشركتين لديها فرص أفضل لتحقيق نتائج مرضية مثل ربحية أفضل أو ديون أقل، مع تجاهل هامش الأمان لأسعار السوق الحالية.

– الحيلة هنا هي جذب القارئ لزيادة المشاهدات أو للترويج لسهم معين، وبناء على الرغبة الطبيعية للإنسان في التصرف، ومع شعوره بأن لديه خياراً، أو لحقيقة أنه قد لا يكون أي منهما خيارًا جيدًا على الإطلاق، أو أن خصائص الشركتين ليست متقاربة وإحداهما تمتلك أساسيات قوية جدًا بالفعل.

– مثال آخر؛ عندما يرتفع سهم بشدة ينتظر المستثمرون انخفاضه لاعتقادهم بأنه أصبح مكلفًا الآن، وفي حال انخفاضه 20% إلى 30% مثلًا، يشعرون بالرغبة الملحة في شرائه، لأنه مقارنة بسعر الذروة يبدو أرخص بكثير ويعتقدون أنهم يحصلون على خصم.

– نظرًا لعدم وجود فكرة واضحة عن قيمة الشركة، يتصرف الناس بشكل تلقائي لإجراء مقارنات سهلة وتحديد كيف ومتى يتصرفون، مثلما فعل الكثيرون مع سهم “جيم ستوب” الذي اشتروه بأسعار مرتفعة للغاية في شهري يناير ومارس.

– لا أحد يريد أن يفوته الركب (التحيز للفعل) وفي نفس الوقت يشعرون بأن أمامهم خيارات محدودة، لكن لا حاجة إلى تفكير فالسعر أقل بكثير مما كان عليه في ذروته.. بالطبع، لا يرى معظم الناس أن الخيار الأفضل هو عدم الاختيار.

– يمكن أن تطول القائمة، لكن الآلية متشابهة إلى حد كبير، تفضل الأغلبية اتخاذ خيارات نسبية وسهلة، وتتوق الأدمغة إلى العمل في هذا الاتجاه، لهذا السبب، لا مفاجأة في أن بعض أفضل المستثمرين أدركوا ذلك وحاولوا مبكرًا خلق بيئة تحميهم من مثيرات التحيز، وبعيدًا عن إغراءات السوق.

المراجع: 1، 2، 3