الإفراط في الشراء.. هكذا تجعلك الشركات ومواقع التسوق تشتري ما لا تحتاجه

إعلان

الإفراط في الشراء –

عزيزي القارئ هلّ فتحت خزانتك أرجوك ؟ دقّق النظر جيدا، هل كل ثيابك و أغراضك في حاجة ماسة إليها، هل إشتريت هذا المعطف لرواج الجلد كموضة هذا العام أم لأنك من معجبي السترات الجلدية، هل كل ما بحوزتك مو من ملأ إرادتك أم أن عقلك الباطني يتلاعب كالعادة بيومك.
عزيزي القارئ مرحبا مجددا في رحلة سأخذك بها لأعماق الـ marketing أو ما يدعى بفن التسويق، بل سأنقد كعادتي تأثير الإعلام و خاصة الإشهار في جعلنا نقتني ما لا نحتاجه بل نعيش حياة لا نريدها.
قد تحدث أحد الماركات في السنة المقبلة (كل عام و أنتم بخير بالرغم من الليبيرالية المتوحشة) أكبر و أضخم صيحة قد تجعل من بناطيل أبائنا موضة رائجة، تخيل معي كيف ستسوق لمنتوجها، سوف تهديه لمئات المشاهير و الـ influencers حتى يقوم الأخيرون بشكر خاص لها بل بزيادة عدد المتابعين و المعجبين بالبضاعة عامة و بالماركة خاصة ، سوف تقوم بإخراج إشهارات تتعدد فيها الوجوه، قد تكون العارضات بكل الأحجام و الألوان ( إعتماد الإختلاف كوسيلة لرواج المنتوج )، قد تقوم بتخفيضات مجنونة، قد يرتديه رئيس حكومة ما ربما و في الأخير ستشتريه عزيزي القارئ لأن الجميع يبدو نظريا سعيدا و بحوزته لهذا البنطال لما لا ؟
هكذا هو الحال منذ أن وضع إدوارد بيرنايز قدمه على الأرض، الرجل الذي جعلنا نعشق الاستهلاك و نقدس المادة و الشراء، كان الرجل صاحب حجر الأساس في نجاح نظام الرأسمالية خلال القرن العشرين وبدايات القرن الواحد والعشرين، هو الأب الروحي للعلاقات العامة و مغذي الرغبات الوحشية للشركات الكبرى و الحكومات ألا يبدو لك الأمر عزيزي القارئ بموضوع مألوف؟ كأن بيرنايز عالم بالطبيعة العدوانية الشريرة للإنسان بل و إستغل نقطة الضعف هذه لمصلحته، ثم من هو المحلل النفسي الذي قام بمثل إستنتاج ؟

 

[better-ads type=”banner” banner=”4017″ campaign=”none” count=”2″ columns=”1″ orderby=”rand” order=”ASC” align=”center” show-caption=”1″][/better-ads]

بيرنايز إلى جانب ثقافته الواسعة و إلمامه بعلم النفس هو إبن أخت المحلل النفسي النمساوي سيقموند فرويد، صدفة خدمت مصالح الرأسمالية بإمتياز ! كان إدوارد بيرنيز أول من استخدم طريقة فرويد في التحليل النفسي للمستهلكين والزبائن، من أجل التحكم في اللاوعي الخاص بهم، أو في سياق آخر للتلاعب به وجعله يشتري ما لا يحتاج ظنًا منه أنه يرغبه و هذا يخدم بطبيعة الحال مصالح الشركات الكبرى و جيوب كبار رجال الأعمال ، تريد بشرة أكثر نصاعة عليك بالشراء ، تريد أن تكون بارزا و مثبتا لذاتك إشتري هذا الهاتف ، تريد بعض الاهتمام و ال validation إجعل من نفسك influencer و إستهلك ال fast fashion أو luxury fashion قدر الإمكان.

 

الإفراط في الشراء –

 

صرنا في عصر الاستهلاك لنثير إعجاب الغير لا أكثر، تصور عزيزي القارئ أن تدفع ألاف الدولارات لإثارة إعجاب أحدهم ! هل سبق لك و أن فعلتها ؟ هذا جيد، قارئي إنسان واع عالم بحقائق الأمور أليس كذلك ؟ هذا النظام الرأسمالي الذي نعيش فيه هو بالأساس الوقود لثقافة الاستهلاك و الشراء، هذه العولمة المتوحشة التي جردتنا من إنسانيتنا هي النار التي أججت و سارعت من تفاقم مثل ظواهر ، نشتري و نملأ المكان بأمور أقل ما يقال عنها تافهة، نشتري لننال بعض الإهتمام و الليكات على مواقع التواصل الاجتماعي، لم يكذب جون بول سارتر حين قال الآخرون هم الجحيم ! فمثلا لتسويق السجائر كان هدف برنايز هو النساء نظرا لكون التدخين لدى المرأة يعد taboo ومن ثم وجد أن السيجارة تعني القوة والسيطرة، ومن هنا خرج بفكرة ثورية أقنع بها النساء على التدخين لتبدو أكثر هيمنة و جاذبية بل متمردة كاسرة لقيود التابو.

نختتم هذه السنة بالحديث عن مثل موضوع مهم جدا خاصة في إطار موجة الـ social media التي كرست من مبدأ الاستهلاك و جعلت منه over إستهلاك، في إنتظار تعاليقكم و إقتراحاتكم . هذا المقال أبعد ما يكون عن اليسارية و إن كانت صاحبته معادية للرأسمالية.

 

المراجع: the conversation

 

الإفراط في الشراء –

[better-ads type=”banner” banner=”3938″ campaign=”none” count=”2″ columns=”1″ orderby=”rand” order=”ASC” align=”center” show-caption=”1″][/better-ads]

اقرأ/ي أيضا: الرأسمالية و الاستهلاك.. ما يريد الزمن المعاصر إخبارك به