أساليب تغيير الرأي العام والتلاعب بالشعوب:(1) الانحياز، الفبركة والتضخيم

إعلان

الانحياز الفبركة التضخيم –

الحكم، السلطة و السيادة.. أشياء لا يستطيع أحد الوصول إليها مهما كانت شعبيّته دون خبرة في كيفية التعامل مع الرأي العام، حتى في الأنظمة الدكتاتورية لأنها إذا أهملت هذا الجانب فإن أول ثورة شعبية سيُسقطها. فماهو الرأي العام؟

الرأي العام هو تكوين فكرة أو حكم على موضوع أو شخص ما، أو مجموعة من المعتقدات القابلة للنقاش وبذلك تكون صحيحة أو خاطئة، وتخص أعضاء في جماعة أو أمة تشترك في الرأي رغم تباينهم الطبقي أو الثقافي أو الاجتماعي، فيعترض ذلك مع الرأي الخاص الذي يشير إلى أمور ومسائل شخصية تتعلق بفرد واحد.

والرأي العام هو ذلك التعبير العلني والصريح الذي يعكس وجهة نظر أغلبية الجماعة تجاه قضية معينة في وقت معين، حسب موقع “ويكيبيديا”.

دائمًا ما نسمع تساؤلات من نوعية كيف يخرج الشعب ضد الرئيس الذي انتخبه في انتخابات حرة ويستبدل به نظامًا ديكتاتوريًّا دمويًّا؟ وكيف تتحول هذه الجماهير المحبة لذاك الحزب، إلى جماهير غاضبة تريد سجنهم؟ وكيف تصدق الجماهير هذا الفاسد وتكذب ذاك السياسي النزيه؟ إذا كنت تقتنع بهذه الإجابات؛ فهل كان الشعب الألماني جاهلًا عندما اعتنق النازية وسار مع هتلر لغزو العالم، وهل الشعب الأمريكي الذي يجري التلاعب به من الساسة؛ لا يحظى بتعليم جيد؟

كل هذا يدخل في خانة التلاعب بالرأي العام. و في هذا المقال الأول، سنتحدّث عن الانحياز والفبركة والتضخيم.

 

الانحياز الفبركة التضخيم

  • الانحياز: هو حكم مسبق في موضوع أو قضية خاصة أو عامة، عادة يكون عن طريق تبني أو مساندة وجهة نظر أو عقيدة إيديولجية. الانحياز يؤدي بالإنسان إلى القبول أو عدم قبول صحة إدعاء ما، ليس بسبب قوة الإدعاء ومؤيداته وبراهينه، لكن لأن هذا الإدعاء لا يلائم معتقداته وأفكاره المسبقة. والانحياز يعني التعصب، اعتماد وجهة نظر واحدة، عدم لحيادية وتفكير منغلق. ويمكن للمرء الانحياز مع آأو ضد أفراد، عرقية، دين، طبقة اجتماعية أو حزب سياسي. وهو موازي للتعصب والتزمت والعنصرية.
الانحياز
  • الفبركة: تعد الفبركة الإعلامية إحدى سبل الدعاية الكاذبة والتضليلية للخصوم او للتغطية على فشل سياسي او حربي ،و أسلوب حياة لبعض المؤسسات الإعلامية والصحفية المتاجرة ، لإقناع جهات على جهات اخرى و بما يدبر لها من مكائد وهذه الفبركات ربما تكون سببا في هزيمة البعض وتشكيكه بمبادئه ومعتقداته الوطنية والمجتمعية ، وزرع بذور الشك في نفوس أفراد المجتمع وفي شرعية قضاياهم وتخلخل الإيمان بها في حال انطلت عليهم تلك الأخبار الكاذبة . في وسائل إعلامية، تخصص غرفة عمليات لفبركة الأخبار على المقاس، وتصوير الريبورتاجات، وتمثيل مشاهد تضمن في أشرطة وثائقية، وتسجيل شهادات للرأي العام مدفوعة الثمن وغيرها من الممارسات اللاأخلاقية.
الفبركة

الانحياز الفبركة التضخيم

[better-ads type=”banner” banner=”12727″ campaign=”none” count=”2″ columns=”1″ orderby=”rand” order=”ASC” align=”center” show-caption=”1″][/better-ads]

“إذا لم تكن حذرًا، فستجعلك الصحف تكره المظلومين وتحب الظالمين”.

مالكوم إكس

فلنفترض مثلا أن هناك صراعا سياسياً في دولة ما، بين سياسيين صالحين وآخرين فاسدين. بالمنطقن، يمكنك التمييز بين الفاسد و الصالح بكل سهولة.. و لكن في الواقع العكس يحدث تماماً!! و يحدث هذا عندما يسيطر الفاسدون على وسائل الإعلام ويعرفون كيف يستخدمونها، و ببساطة يمكن الانحياز ضد المجموعة النزيهة في كل ما ينشر وتضخيم أخطائهم وتجاهل نجاحاتهم مع بعض الفبركة، ستجد هذه المجموعة أصبحت العدو لدى شرائح كبيرة بالشعب، وشرائح أخرى تصبح مشوشة بين الجانبين، لذلك يمكن القول بأنه لا يمكن لأحد الحكم بدون دراية واسعة بأساليب التأثير على الرأي العام، وحد أدنى من وسائل الإعلام التي تتبنى نشر وجهة نظره ونجاحاته.

فهذا الأسلوب يعتمد على الانحياز المطلق في كل ما يذاع ضد مجموعة أو طائفة أو شعب ما، بالإضافة إلى تضخيم أي أخطاء تنتج منهم وتجاهل أي أخبار إيجابية تخصهم، بجانب فبركة بعض الأخبار والأحداث. و

يُستخدم هذا الأسلوب في الدعاية السلبية والإيجابية لحشد الشعوب لاتخاذ موقف معين، أو لاختبار مواقف معينة أو لإضفاء الأهمية عليها رغم ضحالتها أو للدس والوقيعة بين شعوب أو دول أو جماعات.

الفبركة والتضخيم

[better-ads type=”banner” banner=”4017″ campaign=”none” count=”2″ columns=”1″ orderby=”rand” order=”ASC” align=”center” show-caption=”1″][/better-ads]

 

من أمثلة ذلك الأسلوب ما حدث سنة 1916، بعد أن نجح الرئيس ويلسون للانتخابات الرئاسة الأمريكية، بشعار «ويلسون أبقانا بعيدًا عن الحرب»، إذ كان الشعب الأمريكي في ذلك الوقت يفضل السلام ويكره الحرب ولا يريد الدخول في حرب أوروبية بالأساس (الحرب العالمية الأولى).

وهنا حدثت المفارقة، هل يمكن التصديق بأن يرغب هذا الشعب نفسه بالمشاركة في الحرب تحت الرئيس نفسه الذي نجح بالانتخابات بشعار السلام؟ يروي نعوم تشومسكي عن هذا الحدث في كتاب السيطرة على الإعلام، ويقول: «أنشأت الإدارة الأمريكية لجنة للدعاية الحكومية أطلق عليها «لجنة كريل»، نجحت خلال ستة أشهر من تحويل المواطنين المسالمين إلى مواطنين تتملكهم هيستيريا الحرب، والرغبة في تدمير كل ما هو ألماني، وإنقاذ العالم في الحرب العالمية الأولى».

وودرو ويلسون: الرئيس الثامن والعشرين للولايات المتحدة من عام 1913 إلى 1921

ويضيف تشومسكي أن اللجنة استخدمت ضمن وسائلها، «فبركة قصص عن مذابح يرتكبها الألمان، واتضح أن هذه القصص من اختراع وزارة الدعاية البريطانية التي كانت تستهدف توجيه فكر معظم دول العالم».

وننوه هنا أن اللجنة استخدمت وسائل عديدة لضمان اتساع التأثير، من بينها فكرة «رجال الدقائق الأربعة»، وهو جيش مكون من 75 ألف متطوع، يلقون خطبًا وطنية تثير الحماسة في الأماكن العامة لمدة أربع دقائق فقط، كي لا تتجاوز الخطبة فترة الانتباه، التي كانت تقدر آنذاك بأربع دقائق.

في مثال آخر على هذا الأسلوب، وقع بين عامي 1950 و1954 حين انتشرت حمى التخويف من الشيوعية «الذعر الأحمر» بالولايات المتحدة، بقيادة السناتور جو مكارثي، وهو جمهوري يميني، استغل حمى الانتقام من الشيوعيين، وقاد اتهامات التخوين والعمالة تجاه المعارضين. ولم يتطلب هذا الانتقام أدلة، بل كان يكفي وصف شخص أو أشخاص بأنهم شيوعيون، ليتم التنكيل بهم وفصلهم من أعمالهم وحبسهم وملاحقتهم وطالت الاتهامات شخصيات بوزارة الخارجية والبيت الأبيض، ووزارة الخزانة إبان حكم الرئيس الجمهوري إيزنهاور، وانتشرت أجواء من الخوف والشك في جميع أنحاء البلاد. ولم يجرؤ أحد على الوقوف أمام مكارثي خوفًا من وصفه بأنه خائن.

السناتور جو مكارثي

وبسبب هذه الواقعة خرج مصطلح «المكارثية» لوصف حالة اتهام وتخوين المعارضين دون أدلة وخلق أجواء الذعر من معارضة النظام بحجة الخوف على الوطن وحمايته من الأعداء. ودائمًا ما تجد الكثير من الدول الديكتاتورية تعيش في حالة مكارثية دائمة لوأد أي معارضة ممكنة للنظام بالتخوين والقمع.

غزو أمريكا للعراق عام 2003 مثال آخر على هذا الأسلوب. فبعد ترويج أن العراق لديها أسلحة دمار شامل تشكل خطورة كبيرة على العالم؛ لم يظهر بعد الغزو إلا دمار العراق وجثث نحو 500 ألف مدني عراقي، وسيطرة الشركات الأمريكية والبريطانية على نفط العراق، لتؤكد عدة تقارير بعد ذلك تحريض شركات نفط أمريكية وبريطانية للغزو طمعًا فيما سيعود عليها من مكاسب بعد السيطرة على آبار نفط العراق.

ويوجد أيضًا الفبركة العكسية، وينتهج هذا الأسلوب فبركة مواد دعائية تنتقد الجهة نفسها التي أصدرت هذه الدعاية، وقد يستغرب البعض لماذا قد تفبرك بعض الأنظمة أخبار وصورًا تنتقدها، لكن هذا الأسلوب قد يكون الأفضل لإرباك الجماهير في حالة حدوث أعمال قمع شديدة للحكومة وانتشار صور القمع على وسائل الإعلام المعارضة ومواقع التواصل الاجتماعي، فتتجه أجهزة النظام لنشر صور مفبركة عبر صفحات تدعي معارضة النظام، لتكون قرينة للتشكيك في كل الصور الحقيقية القمع النظام للتشويش على الجماهير وإبقائها في حالة ارتباك وتشكيك في كل صور قمع النظام.

 

المراجع: 1، 2، 3، 4، 5

 

الانحياز الفبركة التضخيم

[better-ads type=”banner” banner=”12727″ campaign=”none” count=”2″ columns=”1″ orderby=”rand” order=”ASC” align=”center” show-caption=”1″][/better-ads]

اقرأ/ي أيضا: النساء في السلطة ورهان تحقيق السلام العالمي: معادلة تطرح جدلا