الوحدة.. هل هي عالم مليئ بالهدوء أم هي مرض يدمر الحياة؟

إعلان

الوحدة والاكتئاب –

يقول المثل قديما “الوحدة ولا رفيق السوء”، و قال المتنبي “وخير جليس في الأنام كتاب” و لنا مثل شعبي تونسي يقول “الفرادة عبادة” أي أن في الإنفراد بالذات عبادة.

إذن شكل الإنعزال عن الناس و تجنب الإختلاط منذ القدم دليلا على الوقار و الهيبة وتنامي الفكر ثم شيئا فشيئا تجذرت الوحدة بين أوساط المثقفين الذين إختاروا طوعا أو كرها الإنسحاب من الحياة الإجتماعية إما بحثا عن الحقيقة بعيدا عن الغوغاء أو تفاديا لسخرية الغير. فترى الفيلسوف و المتعبد و الكاتب و الشاعر يركنون إلى وحدتهم مستمتعين بها. فتشيخوف يقول “يجب أن تشعر بأنك الوحيد في الغرفة، السعادة الحقيقية مستحيلة بدون الوحدة”. لكن تبين لنا في زمننا المعاصرو خاصة في السنوات الأخيرة و طبقا لعديد الأبحاث أن الوحدة هي المسبب الأساسي لعدة أمراض عقلية و نفسية و الدافع المباشر لحالات الإنتحار.

إعلان

الانعزال عن المجتمع

و في هذا السياق و عن مقال نشر في موقع د.دبليو الألمانية بتاريخ جوان 2019 نوّهت دراسة فنلندية أنجزت عام 2012 إلى أن إمكانية الإصابة بالإكتئاب تتزايد بنسب عالية لدى الأشخاص الغير مرتبطين و غير المتزوجين. كما أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن الشعور بالعزلة و الإضطرابات النفسية و الإكتئاب من أهم خصائص السلوك الإنتحاري. في حين أكدت عالمة الإجتماع الكندية أن شعور الوحدة الذي طالما لازم الإنسان Cécile van de velde شهد تزايدا منذ السبعينات و إنتشر بين صفوف الشباب أكثر من ذي قبل.

[better-ads type=”banner” banner=”4017″ campaign=”none” count=”2″ columns=”1″ orderby=”rand” order=”ASC” align=”center” show-caption=”1″][/better-ads]

إعلان

من جهة أخرى صرحت “جولي لاڤسك” مستشارة في الصحة العمومية بكيباك في حوار مع راديو كندا إلى أن الوحدة تضاعف من خطر الموت المبكر بنسب قد تصل إلى 50%. أما عن الإضطرابات النفسية فقد توصلت دراسة بريطانية (أجريت في ثلاث مراحل 1993 و2000 و2007 و كان محورها مواكبة شرائح عمرية من 16 إلى 64 سنة ) إلى أن خطر الإكتئاب و القلق النفسي تضاعف لدى الأشخاص الذين يعانون من الوحدة بغض النظر عن العمر أو الجنس.

و في مقال له بعنوان الوحدة مرض القرن الواحد و العشرين تطرق دوبون سيباستيان طبيب في علم النفس و أستاذ في جامعة سترازبورغ إلى أنواع الوحدة فمنها الوحدة التي تتعلق بغياب العلاقات الإجتماعية أو الإنفصال عن شريك الحياة و منها الوحدة النفسية و الحنين إلى الماضي و كذلك الوحدة الوجودية في غياب المعتقد أو فقدان معنى الحياة أو هدف سام للوجود. ثم أشار إلى أن الوحدة مرض يهم الصحة النفسية و الجسدية على حد السواء و ذلك لما ينجر عنه من أمراض تطال القلب و الشرايين و أمراض التعفن الجرثومي إذ أن العادات السيئة كمعاقرة الخمر أو الإخلال بالنظام الغذائي الصحي و السمنة ترافق في أغلب الأحيان الأشخاص الذين يشكون الوحدة أو العزلة الإجتماعية.

الوحدة

و في خضم البحث في مسألة الوحدة تعرضت عدة مقالات وأبحاث إلى تأثير التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الإجتماعي حيث أضحت أدوات الإتصال و الألعاب الرقمية المتطورة الراعي الرسمي لإنعزال الشبيبة و إبتعادهم عن محيط العائلة و العائق الأكبر أمام الإندماج في المجتمع و تكوين علاقات إجتماعية تتجسد على أرض الواقع و ليس فقط على صفحات الفيسبوك و الإنستغرام. أخيرا ينصح علماء النفس بممارسة الرياضات و الأنشطة الجماعية و توطيد العلاقات الأسرية و التواصل مع المحيط العائلي و الأصدقاء لمجابهة أعراض الشعور بالوحدة و التحدث مع أخصائي في الصحة النفسية في حال تمادت الأعراض في مرحلة قد تصل إلى الإكتئاب.

 

الوحدة والاكتئاب –

[better-ads type=”banner” banner=”4017″ campaign=”none” count=”2″ columns=”1″ orderby=”rand” order=”ASC” align=”center” show-caption=”1″][/better-ads]

اقرأ/ي أيضا: الوحدة مرض العصر.. أخطر مما تتوقع !